الإعلام والدبلوماسية الدفاعية د. فيصل أحمد السرحان
ظهر مصطلح الدبلوماسية الدفاعية نتيجة للحرب الباردة بين القوى العظمى باستخدام السياسة والقوة معاً. تعدّ الدبلوماسية الدفاعية إحدى المهام العسكرية الدفاعية التي تهدف الى بناء علاقات قائمة على الثقة وإدامتها في مختلف الظروف، وبناء قوات عسكرية مسلحة لمنع الصرعات أو الحروب والعمل على حلها. يرى بعض القادة العسكريون أن الدبلوماسية الدفاعية تسعى في المقام الاول الى بناء العلاقات المحببة بشكل تبادلي بين القوات المسلحة للدول، الامر الذي يزيد من معدلات تحقيق الامن والتعاون والاستقرار على المستويين المحلي والدولي. في حين يرى السياسيون والباحثون أن الدبلومسية الدفاعية تعتمد على التأثير والاقناع؛ حيث يقول ميشيل فوكو "أنها إلزام وإجبار غير مباشرين، وتقوم بأعمال لا تتمكن القوة الخشنة من القيام بها، وهي سجال عقلي وقيمي يهدف الى التأثير على الرأي العام للدول". واعتبرها آخرون كجوزيف ناي مساعد وزير الدفاع في عهد الرئيس بيل كلنتون بأنها أحد مصادر التأثير بالجذب والاغراء. فهي باختصار الاستخدام غير المستند على العنف للقوة العسكرية، وأنها أداة من أدوات فنون الحكم المعاصر.
تزايد الاهتمام بالدبلوماسية الدفاعية انطلاقاً من كونها أداة من أدوات قوة الدولة التي تؤثر في السياسة الخارجية وتساهم في تحقيق الامن الدولي والسلم المجتمعي، وخفض كلف الحروب وإطفاء مكامن الصراعات وتسخير قدرات الجيوش في المسائل المتعلقة بالكوارث والازمات على اختلافها. أما الاعلام فما زال وسيبقى يلعب دوراً حيوياً في تطوير وتعزيز هذه الاداة، من خلال قدرتها على إبراز توجّهات الرأي العام التي تشكّل تأثيراً قويّاً على صناّع القرار السياسيين والعسكريين، وبالاخص تلك التي تدعو الى الابتعاد عن كل ما يؤجج الخلافات والصراعات، والتركيز على المحتوى الذي يدعو الى إشاعة روح التعاون والتآلف والمحافظة على حقوق الانسان التي سنتها الشرائع السماوية والدنيوية.
الدبلوماسية الدفاعية لا تعني بالضرورة العمليات العسكرية، ولكنها تشتمل على النشاطات العسكرية الأخرى مثل تبادل ضباط وأفراد القوات المسلحة على المستوى الدولي وزيارات السفن والطائرات والتمثيل عالي المستوى والاجتماعات الثنائية ومحادثات طاقم العمل والتدريبات والتمرين ومنتديات الدفاع الإقليمية، والاعلام في هذا السياق هو المحرّك الرئيس لكل هذه النشاطات نظراً لقدرته على بناء قواعد هذا التعاون والتفاهم وتأطيره خاصة إذا توفّرت له المعلومات والبيانات اللازمة، واقامة العلاقات المبنية على احترام وظيفته وحماية حريته وسهّلت مهمته في تغطية الأحداث والفعاليات وفي إجراء الأحاديث والمقابلات مع المسؤولين، وتمكّن من حرية الوصول إلى مصادر الأخبار. (الدولة) هنا تكون قد أضافت مصدر قوة آخر الى رصيدها يسندها في بناء مكانتها الإقليمية والعالمية.
- أكاديمي وباحث في علوم الاتصال والاعلام -AOU